النقدية الموضوعية، ولن نفتش بعيدًا عن هذه الأقوال والمقاييس فهي بين أيدينا في الصفحات التي يطويها هذا الكتاب بين دفتيه، حتى ليكونن حسبنا أن نشير إلى هاتيك الصفحات، ولتنطقن بَعْدُ بحقائق لا يجحدها إلا مكابر عنيد!.
لقد اعتقد المحدثون أن دراستهم لمتن الحديث وعنايتهم بحفظ كتب الرواية ليستا شيئًا ذا بال إن لم تقترنا بعلم الحديث دراية، الذي هو الدراسة التاريخية التحليلية لأقوال الرسول العظيم وأفعاله، ورأيناهم في علم الحديث دراية يبحثون عن أحوال الراوي والمروي، وما كانوا يقصدون بالراوي إلا حلقة في سلسلة السند، ولا بالمروي إلا متن الحديث فعلم مصطلح الحديث - بطبيعة تعريفه - لا يقتصر على مباحث الإسناد، بل يجاوزها إلى المسائل المتعلقة بالمتن أيضًا. وقد يبدو للباحث - إذا وقف عند الظاهر وحده - أن نقاد الحديث عنوا بالإسناد أكثر من
المتن، ولكن هذا وهم بعيد ما أسرع تبدده لدى البحث العميق، والنظر الدقيق.
إن مباحثهم تدور حول الإسناد والمتن من حيث القبول والرد، ففي حالة القبول يدرسون الصحيح والحسن، وفي حالة الرد يدرسون [الضعيف] والموضوع. ونكاد نلمح في جميع مصطلحاتهم تقسيمًا ثنائيًا مؤلفا من السند والمتن، وأهم ما في هذا الشأن أن المتن يذكر في تقسيمهم كالسند، وإليك البيان والتفصيل:
في بحثهم الصحيح والحسن قضية مشتركة خلاصتها أن الصحة قد تتناول السند والمتن مَعًا، أو السند دون المتن، أو المتن دون السند، ومثلها الحسن في ذلك، فلا يحكم بصحة حديث ولا حسنه إطلاقًا بل يبين نوع صحته أو حسنه