أَهْلُ الحَرَمَيْنِ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَإِنَّ التَّدْلِيسَ عَنْهُمْ قَلِيلٌ، وَالكَذِبَ وَوَضْعَ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَزِيزٌ.

وَلأَهْلِ اليَمَنِ رِوَايَاتٌ جَيِّدَةٌ، وَطُرُقٌ صَحِيحَةٌ، إِلاَّ أَنَّهَا قَلِيلَةٌ، وَمَرْجِعُهَا إِلَى أَهْلِ الحِجَازِ أَيْضًا. وَلأَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ بِالأَسَانِيدِ الوَاضِحَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ مَعَ إِكْثَارِهِمْ. وَالْكُوفِيُّونَ مِثْلُهُمْ فِي الكَثْرَةِ، غَيْرَ أَنَّ رِوَايَاتِهِمْ كَثِيرَةُ الدَّغَلِ، قَلِيلَةُ السَّلاَمَةِ مِنَ الْعِلَلِ.

وَحَدِيثُ الشَّامِيِّينَ أَكْثَرُهُ مَرَاسِيلُ وَمَقَاطِيعُ، وَمَا اتَّصَلَ مِنْهُ مِمَّا أَسْنَدَهُ الثِّقَاتُ فَإِنَّهُ صَالِحٌ. وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوَاعِظِ» (?).

واختلف أئمة الحديث في أصح الأسانيد، فذكر كل منهم ما أدى إليه اجتهاده. ولكل صحابي رواة من التابعين، ولهم أتباع وأكثرهم ثقات، فلا يمكن أن يُقْطَعَ الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد (?).

وقد يعدل نقاد الحديث عن قولهم «حَدِيثٌ صَحِيحٌ» إلى قولهم: «صَحِيحُ الإِسْنَادِ»، قاصدين من ذلك إلى الحكم بصحة السند من غير أن يستلزم صحة المتن، لجواز أن يكون في المتن شذوذ أو علة. وإذا أرادوا صحة السند والمتن معًا أَوْرَدُوا العبارة المطلقة أرقى من قولهم: «صَحِيحُ الإِسْنَادِ» بهذا التقييد. ولذلك قال السيوطي في " ألفيته ":

طور بواسطة نورين ميديا © 2015