وما يقاربه على النحو الذي فَصَّلْنَاهُ في فصل «أَهَمِّ كُتُبِ الرِّوَايَةِ».
غير أن درجة الصحة ليست واحدة في كل ما سُمِّيَ صحيحًا، ولا في جميع الكتب المشتملة على الصحيح، بل المحدثون يعرفون الصحيح والأصح، كما سنرى أنهم يعرفون الضعيف والأضعف، وهو يعتقدون أن رُتَبَ الصحيح تتفاوت بتفاوت الأوصاف المقتضية للتصحيح في القوة (?)، ولم يسع النووي، تجاه هذا التفاوت، إلا أن يُقَسِّمَ الصحيح سبعة أقسام: 1 - أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم، 2 - ما انفرد به البخاري، 3 - ثم ما انفرد به مسلم، 4 - ثم ما كان على شرطهما وإن لم يُخْرِجَاهُ، 5 - ثم على شرط البخاري، 6 - ثم على شرط مسلم، 7 - ثم ما صححه غيرهما من الأئمة (?).
وتتفاوت كذلك رُتَبُ الصحيح بتفاوت الأمصار التي روته، ويوشك أكثر العلماء أن يجزموا بأن أصح الأحاديث ما رواه أهل المدينة فهي دَارُ السُنَّةِ المُشَرَّفَةِ. قال ابن تيمية (?): «اتَّفَقَ أَهْلُ العِلْمِ بِالحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَصَحَّ الأَحَادِيثِ مَا رَوَاهُ أَهْلُ المَدِينَةِ، ثُمَّ أَهْلُ البَصْرَةِ، ثُمَّ أَهْلُ الشَّامِ» وقال الخطيب: أَصَحُّ طُرُقِ السُّنَنِ مَا يَرْوِيهِ