فإنه قد لاحظ في الأنجم الشكل والمقدار واللون واجتماعها على مسافة مخصوص في القرب، ثم نظر إلى مثل ذلك في العنقود المنور من الملاحية.

وكلما كان التركيب "خياليا كان أو عقليا" من أمور أكثر كان التشبيه أبعد لكون تفاصيله أكثر.

2- التشبيه البليغ هو البعيد الغريب لغرابته؛ ولأن المشيء إذا نيل بعد طول الاشتياق إليه كان نيله أحلى وموقعه من النفس ألطف، كما قال الجاحظ: يذكر ما في الفكر والنظر من الفضيلة، وأين تقع لذة البهيمة بالعلوفة ولذة السبع بلطع1 الدم وأكل اللحم من سرور الظفر بالأعداء، ومن انفتاح باب العلم بعد إدمان قرعه.

3- ربما تصرف الفطن الحاذق بصنعة الكلام في القريب المبتذل فجعله بديعا نادرا وغريبا لا ترتقي إليه أفكار العامة، كأن يشترط في تمام التشبيه وجود وصف لم يكن، وانتفاء وصف قد كان ولو ادعاء، ويسمى التشبيه المشروط، وذلك على ضروب، منها:

1- أن يكون كقول المتنبي:

لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا ... إلا بوجه ليس فيه حياء2

فتشبيه الحسناء بالشمس مطروق مبتذل يستوي فيه الخاصة والعامة، لكن حديث الحياء وما فيه من الدقة والخفاء أخرجه من الابتذال إلى الغرابة وشبيه به قول أبي نواس:

إن السحاب لتستحي إذا نظرت ... إلى نداك فقاسته بما فيه

حتى تهم بإقلاع فيمنعها ... خوف من السخط من إجلال منشيها

2- أن يكون كقول الوطواط:

عزماته مثل النجوم ثواقبا ... لو لم يكن للثاقبات أفول3

طور بواسطة نورين ميديا © 2015