والبعيد الغريب ما يحتاج في الانتقال من المشبه إلى المشبه به إلى فكر ودقة نظر، لخفاء وجهه.
وسبب خفاء الوجه1 أحد أمرين:
1- كونه كثير التفصيل كما سبق من تشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشل، فإن هذه الهيئة لا تقوم في نفس الرائي المرآة الدائمة الاضطراب، إلا أن يتمهل في نظره ويستأنف التأمل مليا حتى يتجلى له وجه الشبه فيهما.
2- ندور حضور المشبه به في الذهن، إما عند حضور المشبه لبعد المناسبة بينهما، كما في تشبيه البنفسج بنار الكبريت، وإما مطلقا لكونه وهميا كما سبق من تشبيه نصاب السهام بأنياب الأغوال، أو مركبا خياليا كما مر من تشبيه الشقيق بأعلام الياقوت المنشورة على رماح من زبرجد، أو مركبا عقليا كما في تشبيه مثل أحبار اليهود بمثل الحمار يحمل أسفارا.
تنبيهات:
1- يراد بالتفصيل أن ينظر في الأوصاف واحدا فواحدا، ويفصل بعضها من بعض بعد التأمل، وينظر في الشيء الواحد لغير جهة، ويقع ذلك على ضروب، أشهرها:
أ- أن يؤخذ بعض ويترك بعض، كما فعل امرؤ القيس في قوله:
حملت ردينيا كأن سنانه ... سنا لهب لم يتصل بدخان2
فقد اعتبر في اللهب والشكل واللون واللمعان، ونفى اتصاله بالدخان.
ب- أن يعتبر الجميع، كما فعل الآخر في قوله "وقدتقدم":
وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى ... كعنقود ملاحية حين نورا