الفَصْل الأول
حَال الأمَّةِ عندَ سقوطِ الِهمَّةِ
إن سقوط الهمم وخساستها حليف الهوان، وقرين الذل والصغار، وهو أصل الأمراض التي تفشت في أمتنا، فأورثتها قحطًا في الرجال، وجفافًا في القرائح، وتقليدًا أعمى، وتواكلًا وكسلًا، واستسلامًا لما يُسمى "الأمر الواقع".
* فقد رأينا في التاريخ الماضي كيف كان الجندي التتَري يأمر المسلم الذي سقطت همته بالقعود مكانه ريثما يذهب فيحضر حجرًا يقتله به، فيستسلم ذاك، ولا يحرك ساكنًا إلى أن ينجز التتري ما أوعده! ورأينا في عصرنا هذا كيف ركع الجندي العراقي أمام نعلي الجندي الأمريكى يتمسح فيهما ويقبلهما سائلًا إياه العفو والصفح، بينما يربت الأخير على كتفه، قائلًا له في مشهد تمثيلي مُخْزٍ: "لا تجزع .. لا بأس عليك! ".
* ورأينا كيف شكا ابن خلدون رحمه الله تشبه مسلمي عصره ممن سفلت همتهم بأعدائهم الكفار، واعتبر ذلك من أمارات ضياع الأندلس من أيدي المسلمين، فقال رحمه الله:
(ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبدًا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها، بل وفي سائر أحواله، وانظر ذلك فِي الأبناء مع