علو الهمه (صفحة 151)

القلم، لئلا يمضي عليه زمانٌ وهو فارغ"، أو كما قال.

ووصف ابن ناصر الحافط أبا الطاهر السلفي، فقال: "كأنه شعلة نارٍ في التحصيل".

وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي -رحمه الله- يقول: "أثقل الساعات عليَّ: ساعة آكل فيها".

وكان عثمان الباقلاويُّ دائم الذكر لله تعالى، فقَال: "إني وقت الإفطار أُحِسُّ بروحي كأنها تخرج! لأجل اشتغالي بالأكل. عن الذكر".

قال عمَّار بن رجاء: سمعت عُبَيدَ بن يعيشَ يقول: "أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل، كانت أختي تُلَقِّمُني وأنا أكتب الحديث".

وكان داود الطائي يَسْتَفُّ الفَتيتَ، ويقول: "بين سَفِّ الفتيت وأكل الخبز قراءةُ خمسين آية".

ويخرج من نفس المشكاة قول الإمام الجليل ابن عقيل -رحمه الله-: "وأنا أقَصِّرُ بغاية جهدي أوقاتَ أكلي، حتى أختار سَفَّ الكعك وتحسِّيَه بالماء على الخبز، لأجل ما بنيهما من تفاوت المضغ، توفرًا على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها".

بل إن أحدهم ليحزن، ويصيبه المرض إذا فاته شيء من، العلم، فقد ذكروا لشعبة حديثًا لم يسمعه، فجعل يقول: "واحزناه! "، وكان يقول: "إني لأذكر الحديث فيفوتني، فأمرض".

وقيل للشعبي: "من أين لك هذا العلم كله"، قال: "بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب".

وكان من حرصهم على العلم ومجالسه أنك تجدهم يَعْدون فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015