وذكر العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي الشهير بابن الحاج (المتوفى سنة 737 هـ) في كتابه "المدخل" من البدع: قراءة القرآن حال الدفن في المقابر، كما هو عمل المغاربة في بلدنا. قال (3/ 263): وينبغي أن لا يقرأ أحد إذ ذاك القرآن لوجهين: أحدهما: أن المحل محل فكرة واعتبار ونظر في المآل، وذلك يشغل عن استماع القرآن، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}، والإنصات متعذر لشغل القلب بالفكر فيما هو إليه صائر، وعليه قادم.
الوجه الثاني: أنه لم يكن من فعل من مضى، وهم السابقون والقدوة المتبعون، ونحن التابعون، فيسعنا ما وسعهم، فالخير والبركة والرحمة في اتباعهم، وفقنا الله لذلك بمنه.
وقال (3/ 264) بعد أن ذكر أنه لا يجوز رفع القبور أكثر من تسنيمه الذي يعرف به ويميز: وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما، فذلك يهدم ويزال، فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة وتشبيها بمن كان يعظم القبور ويعبدها، وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي ينبغي أن يقال: هو حرام.