هذه محاولات قديمة لجمع السُنَّةِ في ديوان واحد، أو موسوعة واحدة، ولكن يُؤْخَذُ عليها آفة مشتركة، وهو تجريدها من الأسانيد، مع الجمع بين المقبول والمردود من الحديث، بل إن بعضها فيه الشديد الضعف والمنكر والموضوع، وبعضها لَمْ يُبَيَّنْ فيه درجة الحديث تَصْحِيحًا وَتَضْعِيفًا. كما أن البعض الآخر الذي اشتمل على هذا البيان من حيث التَّصْحِيحِ وَالتَّضْعِيفِ، لم يسلم مِنْ اِنْتِقَادٍ وَتَعَقُّبٍ، لاختلاف وجهات النظر من ناحية، ولدخول الوهم والخطأ على الإنسان مهما عَلاَ كَعْْبُهُ فِي العِلْمِ من ناحية أخرى.
وَمِمَّا أخذ عليها كذلك عدم الاستيعاب، وَأَنَّ تَبْوِيبَهَا لم يعد مناسبًا لعصرنا وسبب هذا يرجع إلى هذه المبادرات الكبيرة كلها وجهود فردية. وعمل الفرد - إِذَا لَمْ يُرَاجَعْ وَيُنَاقَشْ - لا يسلم من القُصُورِ وَالآفَاتِ، ثم إنها كتبت في زمن غير زمننا.
ولهذا كنا في حاجة إلى موسوعة عصرية تقوم بجهود جماعية، يشترك فيها أهل الاختصاص والخبرة في العالم الإسلامي بالرأي والمشورة، إذا لم يسعفهم الاشتراك بالعمل والجهد، ويستخدم فيها ما وصل إليه عصرنا من إمكانات علمية وعملية، لتحقيق أهداف علمية وتربوية وتشريعية وَدَعَوِيَّةٍ تحتاج إليها أُمَّتُنَا الكُبْرَى - أُمَّةُ الإِسْلاَمِ - في مطلع قرنها الهجري الجديد، بل تحتاج إليها البشرية - على تعداد أديانها وأجناسها ولغاتها - لتوازن بين ما كسبته من نتاج العلم، وما تتطلع إليه من رحيق الإيمان.
والمسلمون قد اتَّجَهُوا في أواخر القرن الرابع عشر الهجري إلى عمل موسوعة للفقه الإسلامي، وقامت جهود مشكورة لذلك، في دمشق، ثم في مصر، ثم في الكويت، وصدرت من موسوعة مصر عدة مجلدات (ستة عشر مجلدًا) كما صدر من موسوعة الكويت عدة أجزاء في طبعة تمهيدية، ثم صدر الأجزاء الثلاثة الأولى من الطبعة الأساسية وَهُمْ يَتَّجِهُونَ اليوم في مطلع القرن الخامس عشر الهجري، إلى عمل مَوْسُوعَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ:
1 - " موسوعة للحديث النبوي ": وهو ما اضطلع به - بعون الله وتوفيقه - «مَرْكَزِ بُحُوثِ السُنَّةِ وَالسِّيرَةِ بِجَامِعَةِ قَطَرْ».
2 - " موسوعة للحضارة الإسلامية ": بدل الموسوعة التي كتبها المستشرقون، بما فيها من