فلتحقيق إخراج نوع الرجاء الذي فيه الإرادة، وإخراج غيره مما فيه الطماعية (?).
ومن ذلك يتضح أن التمني: طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله: إما لكونه مستحيلا، والإنسان كثيرا ما يجب المستحيل ويطلبه، وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله.
فالأول: وهو طلب الأمر المحبوب الذي لا يرجى حصوله لكونه مستحيلا، مثل قول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوما … فأخبره بما فعل المشيب
وقول ابن الرومي في شهر رمضان:
فليت الليل فيه كان شهرا … ومرّ نهاره مرّ السحاب
وقول آخر:
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها … عقود مدح فما أرضى لكم كلمي
ونحو قول المتنبي:
ليت الحوادث باعتني الذي أخذت … منّي بحلمي الذي أعطت وتجريبي
فما الحداثة من حلم بمانعة … قد يوجد الحلم في الشبان والشيب (?)
والثاني: وهو طلب الأمر المحبوب الذي لا يرجى حصوله لكونه ممكنا غير مطموع في نيله، نحو قوله تعالى: يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ وقوله تعالى أيضا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ.
وكقول مروان بن أبي حفصة في رثاء معن بن زائدة:
فليت الشامتين به فدوه … وليت العمر مدّ له فطالا