4- لم يدرس قدماء اليونان سوى لغتهم، ولكنهم سلموا بأن "بنية" لغتهم تجسم الصور العامة للتفكير الإنساني، أو ربما تجسم الصور العامة للنظام الكوني بأسره. فملاحظاتهم النحوية محدودة بلغتهم ومكررة في صورة فلسفية. وهذه الملاحظات النحوية تبلغ كمالها في نحو ديونيزيوس ثراكس1 "القرن الثاني قبل الميلاد"، وفي نحو أبولونيوس ديسكولوس2 في القرن الثاني بعد الميلاد.

5- إن الصفة الغالبة على النحو اليوناني هي الكشف عن قواعد تميز صواب الكلام من خطئه، ثم فرض هذ القواعد، فالنحو اليوناني بهذا الاعتبار نحو تقعيدي تعليمي.

ليست الملاحظة الموضوعية الخالصة هي الغالبة إذن، بل الرغبة في التوفيق، بكل وسيلة ممكنة، بين اللغة والمنطق، ووضع كلمات اللغة وتعبيراتها و ... إلخ في قوالب تيسر تعلمها فالنحو اليوناني منطقي تربوي.

6- والحق أن نحويي اليونان قد قاموا كذلك ببعض الملاحظات اللغوية التفصيلية فيما يتعلق ببعض الصور القديمة من اليونانية، وببعض لهجاتها.

فالإلياذة والأوديسا كانتا مكتوبتين بلغة يونانية قديمة كانت غير معروفة وقت كبار النحاة، فكان عليهم أن يدرسوا لغتهما، وأن يقابلوا بين نسخها المختلفة لتقويم نصها. وكان أشهر الباحثين في هذا الميدان أريستاخوس3 "ولد حوالي 216ق. م. ومات سنة 144ق. م".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015