المعاني بالكلمة تعلق بالطبع أم تعلق بالاصطلاح؟ ذهب إلى الرأي الأول بروديكوس1 وسفسطائيو القرن الخامس قبل الميلاد.
أما الرواقيون أنصار زينون الذين يردون كل شيء إلى المنطق، فقد رأوا أن النحو ينبغي أن يطابق المنطق، وينبغي أن تطابق "الفصائل" أو "الأقسام" النحوية أقسام المنطق أو "مقولاته"، وفي رأيهم أن ثمة توافقا بين علامة الجمع مثلا وبين فكرة التعدد. هؤلاء أصحاب قياس. وقد رد عليهم أولئك الذين يدخلون في حسابهم ما يشاهد في اللغة من "شذوذ" فقالوا: قد تدل الكلمة الجمع على مفرد، والتقسيم النحوي إلى مذكر ومؤنث ومحايد، لا يطابق التقسيم على أساس "الجنس" في الواقع الطبيعي، واستنتجوا من ذلك أن ليس هناك تطابق لازم بين اللغة والواقع.
2- ومن أمثلة نظر اليونان في "أصل اللغة" أن هيرودت يروي في القرن الخامس قبل الميلاد أن أبسماتيك2 فرعون مصر، وقد أراد أن يعرف أي الأمم أعرق وآصل، عزل طفلين حديثي الولادة وحدهما في حديقة، فلما أخذا في الكلام نطقا بكلمة رضي الله عنهekos وهي الكلمة "الفريغية"3 التي تدل على "خبز".
3- وأفلاطون "427-347ق. م" في محاورته المسماة "كراتيلوس"4، يناقش أصل الكلمات، ويناقش مسألة هامة ظلت تشغل اللغويين والمفكرين أزمنة طوالا هي مسألة العلاقة بين "الأشياء" و"الكلمات" التي تسميها: أهي علاقة طبيعية وضرورية أم أنها لا تعدو أن تكون ثمرة "اصطلاح" الجماعات؟ 5.