علم اللغه (صفحة 291)

اللغة هو التكلم بها لا رسمها, فكثيرًا ماتعيش اللغة بدون أن يكون لها سند تحريري، ولكن من المستحيل أن تنشأ لغة أو تبقى بدون أن يكون لها مظهر صوتي, ويصدق هذا حتى على اللغات الصناعية نفسها؛ كالاسبرانتو صلى الله عليه وسلمsperanto وما إليها. فمن المتعذر أن تتاح الحياة للغة من هذا النوع ما لم تتداولها الألسنة وتصبح أداة للكلام, ولذلك كان أول ما يتجه إليه المفكرون في هذا النوع من اللغات هو وضع أصواته وأسلوب نطقه, والبحث في وسائل انتشار التحدث به.

وعلى الرغم من ذلك, فللرسم في حياة اللغة ونهضتها آثار تجلّ عن الحصر؛ فبفضله تضبط اللغة، وتدون آثارها، ويسجل ما يصل إليه الذهن الإنساني، وتنتشر المعارف، وتنتقل الحقائق في الزمان والمكان, وهو قوام اللغات الفصحى, ولغات الكتابة, ودعامة بقائها, وبفضله كذلك أمكننا الوقوف على كثير من اللغات الميتة؛ كالسنسكريتية والمصرية القديمة والإغريقية واللاتينية والقوطية, فلولا ما وصل إلينا من الآثار المكتوبة بهذه اللغات ما عرفنا عنها شيئًا, ولضاعت منا مراحل كثيرة من مراحل التطور اللغوي.

وترجع أساليب الرسم التي استخدمت في مختلف اللغات إلى أسلوبين اثنين:

أحدهما: أسلوب الرسم المعنوي:

ldeographie, صلى الله عليه وسلمcriture ideographique

وهو الذي يضع لكل معنًى صورة خطية خاصة, وقد استخدم هذا الأسلوب في لغات كثيرة؛ منها السومرية والصينية1 والمصرية القديمة2, ولا يعلم على وجه اليقين أول أمة استخدمته، ولكن يظهر من شواهد كثيرة أنه أقدم أساليب الرسم الإنساني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015