علم اللغه (صفحة 245)

أما تعليل هذه الظاهرة: فقد انقسم هؤلاء العلماء بصدده إلى ثلاث فرق؛ ففريق يعللها بأن إحدى الفصيلتين قد انشعبت عن الأخرى, وظلت محتفظة بأصول مفرداتها, ولكنها سلكت في تكوين قواعدها وجهة تختلف عن وجهة أصلها، فأخذت تبعد عنه في هذه الناحية شيئًا فشيئًا حتى وصل الخلاف بينهما إلى الحد الذي هما عليه الآن. وفريق يذهب إلى أنهما قد تفرعتا عن لغة دثرت ولم يصلنا شيء من آثارها، وأن هذه اللغة كانت متصرفة1 ذات قواعد كاملة التكوين، وأن قواعد كل فصيلة منهما قد سلكت في تطورها طريقًا يختلف عن طريق الأخرى، ولكن كلتيهما ظلت محتفظة بأصول مفردات اللغة التي انشعبتا عنها. وفريق ثالث يرى أن الشعب الذي تفرف عنه الساميون والأريون, كان له في الأصل لغة مشتركة، وأن انقسامه إلى هاتين الشعبتين قد حدث ولغته في الدور الأول من أدوار تكونها إذ لم تكن قد تجاوزت بعد مرحلة اللغات العازلة2 العارية من القواعد، وأن كل شبعة منهما، تحت تأثير عقليتها الخاصة وما كان يكتنفها من شئون طبيعية واجتماعية، قد اتجهت في تكملة لغتها وتكوين واعدها منحى يختلف عن المنحى الذي اتجهت إليه الشعبة الأخرى، ولكن بقي في مفردات كلتيهما كثير من آثار الأصل المشترك3.

غير أن أساس النظرية نفسه، وهو اتفاق الفصيلتين في أصول المفردات اتفاقًا يؤذن بانشعاب إحداهما عن الأخرى أو انشعابهما عن أصل واحد قريب، غير مسلم به من جمهرة المحققين من علماء اللغة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015