فقط, ثم انحلت عقدة لسانه مرة واحدة, فأخذت لغته تزيد كل يوم كلمات كثيرة.
وكذلك كان شأن ابنتي حزم؛ ففي الشهر الخامس من سنتها الثانية -مارس سنة 1943- كان متن لغتها يتألف من إحدى عشرة كلمة فقط, وقد ظهرت لديها على الترتيب التالي: "تاتا" أي: المشي، "باب" أي: الوالد، "مم" أي: الأكل، "ماما" أي: الوالدة، "نينا" نينة أي: جدتها، "ددا" أي: الحذاء الذي تلبسه وهي تمشي -كانت تسمى المشى نفسه تاتا، "نن" أي: النوم، "أدا" أي: فيفي "وهي أختها عفاف, "دد" أي: تحت -وكانت تقولها عندما تطلب نزولها إلى الدور الأسفل من المنزل أو إلى حديقته، "أما" أي: أحمد الخادم، "أوم" "كانت تلفظها هكذا ome" وتعني بها قم، وتقولها عندما تطلب إلى أحد أن يقوم لغرض ما تريده، ويفهم هذا الغرض من سياق الحال1, وفي أوائل سنتها الثالثة انحلت عقدة لسانها وأخذت لغتها تزيد كل يوم كلمات كثيرة.
وقد سار ابني نائل وابنتي وفاء وابني إخلاص على الوتيرة نفسها التي سار عليها أخوتهم, مع اختلاف يسير في المفردات التي كان يتألف منها متن لغتهم في كل مرحلة من المراحل.
وفي أواسط هذه المرحلة وأواخرها, تصل قوة التقليد اللغوي عند الطفل، في مهارتها ودقتها ونشاطها وغزارة محصولها, وأهميتها, وسيطرتها على النفس، إلى أقصى ما يمكن أن تبلغه قوة إنسانية.
ففي هذا الدور لا يدع الطفل أيَّ كلمة أو جملة جديدة يسمعها, أو يطلب إليه محاكاتها بدون أن يحاكيها، وإن عاقه طول جملة عن تكرارها جميعها، حاكى ما يعلق بذهنه من كلماتها, وبخاصة آخر كلمات فيها.