التي يقلدها، الأصوات نفسها التي كان يغلب عليه تكرارها في مرحلة "التمرينات النطقية", فإذا كان في تمريناته النطقية يغلب عليه تكرار مقطع "با" مثلًا، فإنه يضعه في معظم الكلمات التي يحاول محاكاتها في فاتحة تقليده اللغوي. فيقول مثلًا: "باد" "قاصدًا "أحمد"" و"باب" "قاصدًا "كتاب"", و"باية" قاصدًا "طاقية", و"باسي" قاصدًا "كرسي", و"باويت" قاصدًا "بسكويت", ... وهلم جرَّا. وهذا مظهر من مظاهر ما يسميه علماء النفس "مقاومة القديم للجديد, أو "آثار العادات اللغوية"، ويبدو في صورة أشد وضوحًا عند الكبار؛ إذ يتعلمون لغة أجنبية أو يحاكون ألفاظها، فيستبدلون بما تشتمل عليه هذه اللغة من أصوات لا عهد لهم بها أصواتًا شبيهة بما من أصوات لغتهم.
4- وفي مبدأ هذه المرحلة تكثر في لغة الطفل أصوات اللين "حروف المد" وتقل الأصوات ذات المقاطع "الحروف الساكنة"، فيحذف بعض الأصوات الساكنة من الكلمة، ويقحم عليها أصواتًا غريبة عنها "كاب= كلب، باتي= برنيطة أو قبعة ... إلخ".
5- وفي أوائل هذه المرحلة -في أواخر السنة الثانية تقريبًا- يظهر لدى الطفل ما يصح أن أسميه "بالمحاكاة الموسيقية للعبارات": فيحاكي الطفل أحيانًا بعض العبارات التي يسمعها مجرد محاكاة موسيقية، بأن يلفظ أصواتًا مبهمة تمثل في توقيعها الموسيقي أصوات العبارة التي يريد محاكاتها بدون أن تشتمل على كلماتها، كما تحول قطعة شعرية إلى قطعة موسيقية, وقد لاحظت هذا على أولادي عفاف وإقدام وحزم ونائل ووفاء وإخلاص, ولم أعثر على أحد قد لاحظه من قبلي على ما أعلم.
6- وفي مبدأ هذه المرحلة يسير الطفل ببطء كبير في محاكاته، فقد تمضي أشهر بدون أن يستطيع النطق بأكثر من بضع كلمات، مع أنه يكون فاهمًا لمعظم ما يسمعه وما يقال له -كما سبقت الإشارة إلى