علم اللغه (صفحة 145)

وإلى الأخطاء السابقة, وما إليها يرجع السبب في صعوبة فهم حديثه على غير المحيطين به, وقد خُيِّلَ إلى بعض الباحثين أن الطفل يخترع اختراعًا بعض كلمات في مبدأ هذا الدور, والحق أن الطفل لا يأتي بجديد من عنده، وأن الكلمات التي يظن أنها من اختراعه يرجع جميعها إلى كلمات تقليدية؛ فبعضها محاكاة محرفة كثرت فيها الأخطاء السابق ذكرها, حتى بعدت عن أصلها بعدًا كبيرًا، وبعضها محاكاة صحيحة لكلمات يتعمد بعض الملازمين للطفل أن ينطقوا بها نطقًا محرفًا يتفق مع طريقة نطقه، فهذه الكلمات الأخيرة هي من اختراع الكبار لا من اختراع الطفل.

2- يولع الطفل في مبدأ هذه المرحلة بما كان مولعًا به في المرحلة السابقة من تكرار المقاطع والكلمات عدة مرات "با با با با با =بابا أي: الوالد، ما ما ما ما = ماما, أي: الأم ... وهكذ معظم الكلمات". وهذا راجع إلى أسباب كثيرة؛ منها: أن الطفل يحاول بذلك أن يثبت الكلمة في ذاكرته, ويمكن لها من أعضاء نطقه حتى يسهل عليه حفظها والنطق بها فيما بعد عند الحاجة إليها, ومنها: أن النشاط الحركي يتجه دائمًا إلى الأشكال المتماثلة والأوضاع المتشابهة, ومنها: أن وقف الحركة فجأة بتكراره هذا يميل بفطرته إلى أخف المجهودين "وإلى هذا يرجع السبب في حدوث هذه الظاهرة نفسها عند الكبار أحيانًا، وخاصة حينما يسرعون في كلامهم". ومنها أن الطفل المبتدئ في الكلام عندما يلفظ كلمة ما، يحدث لديه صوتها إحساسًا سمعيًّا يرتاح إليه ويتلذذ بوقعه، فيكرر الصوت ليتكرر إحساسه هذا، كما أن إحساسه صوت طبلة دقه بيده أو صوت هنة رماها يدعوه إلى تكرار الدق والرمي ليتكرر الصوت نفسه فيتكرر إحساسه به، وهذا مظهر من المظاهر التي أطلق عليها العلامة بلدوين "تقليد الطفل نفسه" أو "التفاعل الدائري عند الطفل".

3- وفي مبدأ هذه المرحلة يضع الطفل في معظم الكلمات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015