رأيه1، والسعادة عند الرواقية هي حالة شعورية بالسرور تحصل للإنسان نتيجة اتحاد إرادته مع إرادة الله، ونتيجة اتحاد عقله مع عقل الله، أو نظامه في الطبيعة، وعن طريق المعرفة لهذا وذلك.
ذلك أنهم يعتقدون أن نظام الكون نظام عقلي أو هو العقل الأكبر -كما يسمونه- وعقل الإنسان هو العقل الأصغر، ووظيفة هذا العقل الأخير أن يعمل وفقا لذلك النظام العقلي أو الطبيعة، فالحياة وفقا للطبيعة هي الحياة الأخلاقية الفاضلة وهي التي تؤدي إلي السعادة الحقيقية2.
واتجاه الرواقية يشبه اتجاه أرسطو من جهة واتجاه المتصوفين من جهة أخرى، أما من الجهة الأولى فإنهم قد دعوا إلى الخضوع للعقل، واختلفوا مع أرسطو عندما دعوا إلى استئصال الشهوات من جذورها، بينما كان أرسطو لا يدعو إلى هذا، بل كان يدعو إلى إخضاعها لمنطق العقل، ومن الجهة الثانية فإنهم كانوا يدعون كالمتصوفين إلى محاربة الشهوات والابتعاد ما أمكن عن الحياة المادية المحسوسة3.
وقد ذهب الفارابي إلى قريب من هذا الاتجاه، إذ عرف السعادة بأنها اتحاد عقل الإنسان مع العقل الفعال4، وقد يكون ذلك عن طريق التحلي بالفضائل الأخلاقية، والابتعاد عن الشرور والرذائل الأخلاقية5.