أما الحاكم فمسئول عن فساد المجتمع ومواضع الفساد فيه أيضا. ولهذا فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث المسئولية -الذي ذكرناه في المسئولية- كل صاحب أمر وسلطة مسئول عمن ينفذ عليه أمره وسلطانه اعتبارا من الأمير إلى رب الأسرة وقال عمر بن الخطاب: "والله لو أن ناقة انتكست في أصقاع العراق لكنت مسئولا عنها" لعدم تمهيده الطريق للمسافرين.
فمسئولية الحاكم أكبر وأوسع نطاقا من مسئولية أي فرد آخر وأن جزاءه كذلك أكبر ولهذا قال الر سول -صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" 1, وقال أيضا: "من من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة" 2.
والآن بعد هذه المعالجة لهذا الموضوع ننتهي إلى أن الإسلام يعتمد في تنظيمه الأخلاقي للحياة الاجتماعية على فلسفته الأساسية في قيمة الفرد والمجتمع والسلوك الأخلاقي نفسه. فالفرد له طبيعته وشخصيته المستقلة ومن ثم له قيمة مستقلة أيضا وبناء على هذه الفكرة ينبغي احترام متطلباته الطبيعية عن طريق إتاحة الفرص لتحقيقها ومن ضمن متطلباته أن يعيش في مجتمع من جنسه وذلك ضرورة وفطرة.
ولكن الحياة في المجتمع تتطلب نظاما أو أخلاقا؛ إذ لو تركت الحرية للفرد لتحقيق رغباته فيها فقد يستغل المجتمع لتحقيق مآربه وحاجياته ويتخذ المجتمع وسيلة وغرضا، وهذا النظام ينبغي ألا يسمح باستغلال الآخرين والإضرار