{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 1؛ لأن الآية السابقة قد وصفتهم بالكفر لعدم إيمانهم بتلك المبادئ.
وإذا ترك ذلك إهمالا أو ظلما فيكون ظالما {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} 2, ومعلوم أن هذه الآية قد نزلت بعد آية القصاص وإذا لم يطبق القصاص يظلم الناس بعضهم بعضا ويتعدون أكثر مما يتعدى عليهم وينتشر الثأر وهذا ظلم والسكوت على الظلم ظلم أيضا والقصاص يمنع الظلم؛ لأنه يمنع تجاوز الحدود في القود، ولهذا قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} 3, وإذا أراد انتشار الفساد من عدم تنفيذ ذلك يكون فاسقا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 4؛ لأن إرادة الفساد فسق {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} 5, والدليل على صدق ما نذهب إليه سياق هذه الألفاظ نفسها فهي تعبير عما يدور في نفوس أولئك الحكام الذين لا يطبقون تلك المبادئ لوجود إحدى هذه الحالات الثلاث وإلا فما الذي يمنعهم من تطبيق ذلك مع وجود إمكانات في أيديهم.
ولا ينبغي أن يفهم من الحاكم هنا -رئيس الدولة فقط- بل المقصود كل رئيس جماعة أو إدارة أو مؤسسة أو رب أسرة فكل واحد مسئول عن أخلاق مؤسسته أو إدارته أو بيته والسكوت على اللا أخلاقية مع قدرته على منعها يدل على اللا أخلاقية, ثم إن الفرد العادي غير مسئول عن البحث عن مواضع الفساد لإزالته وإنما هو مسئول فقط بحسب قدرته التي ذكرناها عن فساد يراه ولم ينكره