من العقاب القانوني أو انتهوا منه.. يقول الدكتور "عادل العوا": "أما عذاب الوجدان أو وخز الضمير وتأنيبه فهو ألم معنوي ينتج عن تصور شر وقع والإنسان مسئول عنه إنه هو الذكرى التي تعض قلب المجرم ولا تفارقه ليل نهار"1، وهذا حق، ذلك أن المجرم لا يخلو من إحدى الحالتين الآتيتين؛ لأنه إما أنه لم تتكشف جريمته بعد أو عرفت لدى الآخرين.
ففي الحالة الأولى تعتريه ثلاث حالات وجدانية مؤلمة: الأولى حالة الخوف والقلق المستمرين من انكشاف الجريمة، ولهذا فهم يتحرجون عادة من الحديث حول الموضوعات التي ارتكبوا فيها الجرائم والآثام خوفا من الانكشاف, وصدق الله العظيم إذ قال: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} 2.
والحالة الثانية هي تأنيب ضمير مستمر وإحساس بذنب يخدش وجدان المجرم وشعوره باشمئزاز من نفسه وذاته وهنا تعتري هؤلاء دائما حالات نفسية كئيبة لا تنفرج سريرتهم ولا سيما في حالات التذكر لتلك الجرائم التي ارتكبوها.
يقول هنا سقراط: "إن من كان مجرما ولم يعاقب على جرائمه يكون أشقى الناس والمجرم دائما أشقى من ضحيته"3, "وإن أسعد الناس إذن هو ذلك الذي تخلو نفسه من الضرر "أي: الجرم"؛ لأن ضرر النفس كما قلنا: هو أقبح الضرر"4.
والحالة الثالثة: إنه يفقد أهليته الاجتماعية من حب ومودة ... إلخ في شعوره الخاص وإن لم يفقدها في المجتمع، ذلك أنه يشعر عندما توجه إليه