قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} " 1.

وإذا كان هذا شأن الطبيعة الإنسانية فهل يصح بعد ذلك أن نقول كما قال بعض الفلاسفة- إنها طبيعة خيرة أو طبيعة شريرة على الإطلاق؟.

الحقيقة أنه ليس من الحق أن نصف هذه الطبيعة بالخير أو بالشر, ذلك أن ما أثبتنا فيها من دواع تعتبر استعدادات للقيام بتلك الأعمال التي أشرنا إليها أو أنها تعتبر قوى مختلفة للقيام بأعمال مختلفة، والقوة في حد ذاتها لا يصح وصفها بالخير أو بالشر مادام يمكن استخدامها في الخير والشر، شأنها شأن أي شيء يصلح استعماله في الخير والشر معاً, إذن الخيرية والشرية هنا الاستخدام والاستعمال، فإذا استعملتها في الخير تكون خيراً وإذا استعملتها في الشر تكون شريراً, وليس أي دافع من الدوافع التي ذكرناها يعتبر شراً حتى دافع التملك والتقاتل والجنس، ذلك أن الأول دافع إلى العمل للكسب والثاني وسيلة للدفاع عن الحق والثالث وسيلة لاستمرار النوع, أما الشر فيأتي نتيجة استخدامها في غير مواضعها ومن غير قيد أو شرط، والخير هو استعمالها في وجوهها التي خلقت من أجلها, والأخلاق السليمة أو الخيرة تدعو إلى استخدام هذه الدوافع الفطرية في وجهتها الطبيعية التي خلقت من أجلها أو تلك التي حددها الخالق كما عرفنا من قبل.

فالإسلام إذ يحدد هذه الوجوه الخيرة لاستخدام هذه الدوافع الفطرية بقيود وشروط معينة يدعو إلى تطبيق الفطرة, وهو لذلك دين الفطرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015