الثاني، وهو عند اتباع هذا الطريق أو ذاك يعلم أنه خير أم شر {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا, فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} 1, وفلاحه مرهون باتباع طريق الخير {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا, وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 2.

وميزة الإنسان هنا على الحيوان أنه ليس محكوماً بفطرته البيولوجية, بل إنه يستطيع أن يتسامى على هذه الفطرة فيستطيع أن يكف عن الأكل والشرب بالرغم من حاجته إليهما ووجودهما أمامه حتى الموت, وهو في الوقت نفسه ليس كالملائكة محكوماً عليه باتباع الخير وليس كإبليس مدفوعاً إلى اتباع الشر بل فيه القدرة على أن يكون كالحيوان, لا يسير إلا بناء على ما تدفعه دوافعه وغرائزه المادية، ويستطيع أن يكون كملك كريم لا يتبع إلا الخير ويستطيع أن يكون شيطاناً مارداً يفسق ويلحق الضرر بالناس ويسوقهم إلى المهالك والعصيان ويملأ الأرض ظلماً وطغياناً وفساداً.

ثم يستطيع أن يتأله فيكون كالإله العزيز الجبار المتكبر يجعل الناس يعظمونه ويقدسونه ويعبدونه، وعندما ننظر إلى تاريخ الإنسانية نجد أنماطاً من الناس من هذا النوع وذاك.

هنا نجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعبر عن هذه الحقيقة عندما يقول: "إن للشيطان لَمَّة بابن آدم -في قلبه- وللمَلَك لَمَّة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم تلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015