ويمكن إجمال رأي المحدثين دون دخول في كثرة من التفاصيل التي توجد في كتب علم النفس الحديث, بأن الذكاء أو القدرة العقلية لها صفات منها: الإدراك بوجه عام واستيعاب المعلومات وحفظها والعمل بمقتضى هذا الإدراك وتلك المعلومات وهذه الناحية أميل إلى الحكمة؛ لأن الحكمة هي العمل بالعلم كما تقتضي الأحوال والمواقف.

أما رأي الإسلام في العقل فقد جاءت نصوص متعددة تعبر كلها عن أن العقل قوة مدركة في الإنسان خلقها الله فيه ليكون مسئولا عن أعماله؛ ولهذا بين الله تعالى أن سبب الانحراف والضلال هو عدم العمل بمقتضى العقل {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} 1, وقال تعالى: {يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} 2, {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} 3, {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} 4, {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} 5, {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} 6, {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} 7, وأهم ما يمكن أن نستخلصه من هذه النصوص وغيرها فيما يتعلق بالعقل هو أن العقل قوة مدركة غريزية موجودة في الإنسان، وأنه يستعمل بمعنيين: الأول الإدراك، والثاني العمل بمقتضى الإدراك, وهو العقل العملي أو الحكمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015