بالنفس الموسوسة: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} 1, ومرة ثالثة بالنفس اللوامة {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} 2, ومرة رابعة بالنفس الأمارة بالسوء {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} 3.

وهذه الآيات كلها تفيد أن النفس واحدة, لكن لها حالات وصفات متعددة, وترتيب الآيات بهذه الصورة يؤكد هذه الفكرة.

فالنفس في حالتها الفطرية الطبيعية المستقيمة على منهج الله تكون مطمئنة ومستقرة, ولكن في بعض الحالات تأتيها خطرات الخروج على هذه الحالة, وتوسوس للإنسان بالشر، فإذا خضع الإنسان لهذه الوسوسة وعقد العزم على ارتكاب الشر أو ارتكبه فعلا، فإنها تستفيق من الغفلة وتلوم نفسها, فإذا استمرت في هذا الخضوع تنسى ربها وتصبح أمارة بالسوء، وإذا وصلت إلى هذه المرتبة اتخذت إلهها هواها, فلا تستطيع بعد ذلك فكاكا إلا برحمة من الله: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} 4, ولقد عبر القرآن أحيانا بالنفس عن الذات المشخصة لا عن أمر معنوي, فقال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} 5.

ومن حقائق التكوين المعنوى في الإنسان التي تحدث عنها الإسلام: الروح {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} 6, {وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ, ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} 7, {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} 8, وإذا كنا لا نستطيع إدراك حقيقة هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015