وباختصار فإن هذا الاتجاه يرى أن النفس كمال للجسم وجوهر مستقل في الوقت نفسه، ولا أقول: إن كل هذه المحاولات كانت خاضعة كلية للرغبة في التوفيق بين الفلسفتين, بل أقول: إنه إلى جانب تأثير هذه الرغبة كان للإسلام تأثير أيضا في هذه المحاولة، ذلك أن الإسلام يقر أيضا بوجود الجانبين في كيان الإنسان عموماًَ.

ومن هنا نجد الغزالي مثلا يعرِّف كل ما جاء به الإسلام من نصوص متعلقة بالجانب الروحي مثل: النفس والروح والعقل والقلب, بتعريفين: تعريف مادي وتعريف معنوي, ويحاول أن يجد لذلك سندا من النصوص الإسلامية فيعرِّف الروح -مثلا- "بأنها جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني, فينشر بواسطة العروق ضوارب إلى سائر الجسم، وجريانه في البدن يضاهي النور من السراج الذي يدار في زوايا البيت, فإنه لا ينتهي إلى جزء من البيت إلا ويستنير به, والمعنى الثاني هو اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان"1, والنفس أيضا لها معنيان: أحدهما أنه يراد بها المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان.

والمعنى الثاني هو اللطيفة التي ذكرناها والتي هي الإنسان بالحقيقة، وهي نفس الإنسان وذاته، ولكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب اختلاف أحوالها, فإذا سكنت أصبحت النفس المطمئنة, وإذا دافعت النفس الشهوانية واعترضت عليها سميت النفس اللوامة؛ لأنها تلوم صاحبها في تقصيرها في عبادة مولاه.

"وأما القلب فيطلق على معنيين أيضا: أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر، والمعنى الثاني هو لطيفة ربانية روحانية لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015