ابن عتبة: ما رأيت أحدًا أعلم من ابن عباس بما سبقه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وبقضاء أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن وبالعربية وبالشعر، والحساب والفرائض وكان يجلس يوما للفقه، ويما للتأويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب، وما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلا سأله إلا وجد عنده علما، كانت أكثر حياته علمية يتعلم ويعلم، لم يشغل بالإمارة إلا قليلا لما استعمله علي على البصرة وتوفي بالطائف سنة 68هـ عن أحد وسبعين عاما. وعلى ابن عباس يدور علم أهل مكة في التفسير والفقه.

عبد الله بن مسعود:

هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، وينسب إلى أمه أحيانا فيقال: ابن أم عبد، أسلم قديما، قال: رأيتني سادس ستة ما على ظهر الأرض مسلم غيرنا، وهو أول من جهر بالقرآن وأسمعه قريشا: هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهد بدرا، واحدا، والمشاهد كلها. وهو الذي أجهز على أبي جهل يوم بدر، وشهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وكان شديد الملازمة كثير الخدمة للنبي -صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب سواكه وطهوره ونعله، يلبسه إياه إذا قام ويخلعه، ثم يجعله في ذراعه إذا جلس، يمشي أمامه إذا سار، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، ويلج عليه داره بلا حجاب حتى لقد ظنه بعضهم من قرابته، ففي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا لا نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما نرى من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولزومه له. وقيل لحذيفة: أخبرنا برجل قريب للسمت والدل والهدى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نأخذ عنه، فقال: لا نعلم أحدا أقرب سمتا ودلا وهديا برسول الله من ابن أم عبد، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة. وقال عقبة بن عامر: ما أدري أحدا أعلم بما نزل على محمد بن عبد الله. فقال أبو موسى: إن تقل ذلك فإنه يسمع حين لا نسمع؛ ويدخل حين لا ندخل؛ وصح عنه أنه قال: أخذت من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015