وأما الشيعة فهم جماعة من المسلمين أحبوا علي بن أبي طالب وذريته وأفرطوا في هذه المحبة، ورأوا أنه هو وذريته أحق بالخلافة من غيره؛ لأنه هو الوصي الذي أوصى إليه الرسول بالخلافة من بعده.

وانقسموا فيما بينهم فرقًا بشأن توارث هذه الخلافة إلى: كيسانية، وزيدية، وإسماعيلية، وجعفرية، كل فرقة تجعل الخلافة في فرع خاص من ذرية علي.

وأما جمهور المسلمين، وهم أهل السنة والجماعة، فهم الذين لم يذهبوا مذهب الخوارج ولا مذهب الشيعة، ولم يروا أن الخلافة وصية لأحد، ورأوا أن الخليفة ينتخب من أكفأ قريش إن وجد، لا يفاضلون بين الخلفاء ولا بين غيرهم من الصحابة ويؤولون ما كان بينهم من خصومات بأنها كانت اجتهادية في أمور سياسية لا ترتبط بكفر ولا إيمان.

هذا الانقسام السياسي بين الأحزاب الثلاثة كان له أثر تشريعي؛ لأن الخوارج كانوا لا يأخذون بالأحكام التي وردت في أحاديث رواها عثمان، أو علي أو معاوية أو رواها صحابي ممن ناصروا واحدا منهم، وردوا كل أحاديثهم وآرائهم وفتاويهم، ورجحوا كل ما روي عمن يرضونهم وآراء علمائهم وفتاويهم، وبهذا كان له فقة خاص، وكذلك الشيعة ردوا أحاديث كثيرة رواها عن الرسول جمهور الصحابة ولم يعولوا على آرائهم وفتاويهم، وعولت كل طائفة منهم على الأحاديث التي رواها أئمتهم من آل البيت والفتاوى التي صدرت عنهم، وبهذا كان لهم أيضا فقه خاص، وكتب فقههم المبطوعة لا تحصى، وأما جمهور المسلمين فكانوا يحتجون بكل حديث صحيح رواه الثقات العدول بلا تفريق بين صحابي وصحابي، ويأخذون بفتاوى الصحابة وآرائهم جميعا على التفصيل الذي سنبينه، وبهذا كان أحكامهم لا تتفق مع أحكام الخوارج والشيعة في عدة موضوعات، كالإرث والوصية وبعض عقود الزواج وغيرها.

وهذه نبذة في التعريف بأشخاص بعض رءوس التشريع من الصحابة وهم: زيد بن ثابت من رءوس التشريع بالمدينة، وعبد الله بن عباس رأس التشريع بمكة، وعبد الله بن مسعود رأس التشريع بالعراق، وعبد الله بن عمرو بن العاص رأس التشريع بمصر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015