فقال الصحابي: ليس هذا بمنزل، وأشار بإنزال الجند في مكان آخر لأسباب حربية بيّنها للرسول. ولما رأى الرسول أهل المدينة يؤبِّرون النخل، أشار عليهم أن لا يؤبِّروا، فتركوا التأبير وتلف الثمر، فقال لهم: "أبّروا.. أنتم أعلم بأمور دنياكم".
3- وما صدر عن رسول الله ودلّ الدليل الشرعي على أنه خاص به، وأنه ليس أسوة فليس تشريعاً عاماً: كتزوجه بأكثر من أربع زوجات، لأن قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] دلّ على أن الحد الأعلى لعدد الزوجات أربع، وكاكتفائه في إثبات الدعوى بشهادة خزيمة وحده لأن النصوص صريحة في أن البينة شاهدان.
ويراعى أن قضاء الرسول في خصومه يشتمل على أمرين: أحدهما إثباته وقائع، وثانيهما: حكمه على تقدير ثبوت الوقائع فإثباته الوقائع أمر تقديري له وليس بتشريع، وأما حكمه بعد تقدير ثبوت الوقائع فهو تشريع، ولهذا روى البخاري ومسلم عن أمّ سلمة أن رسول الله سمع خصومة بباب حجرته فخرج عليهم، وقال: "إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصوم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها".
والخلاصة: أن ما صدر عن رسول الله من أقوال وأفعال في حال من الحالات الثلاثة التي بيناها فهو من سنته ولكنه ليس تشريعا ولا قانونا واجبا اتّباعه، وأما ما صدر من أقوال وأفعال بوصف أنه رسول ومقصود به التشريع العام واقتداء المسلمين به فهو حجة على المسلمين وقانون واجب اتّباعه.
فالسنة إن أريد بها طريقة الرسول وما كان عليه في حياته، فهي كل ما صدر عنه من قول أو فعل أو تقرير، مقصود به التشريع واقتداء الناس به لاهتدائهم.