معاً، ومصلحة المجتمع فيها أظهر، فحق الله فيها الغالب، وحكمها كحكم ما هو حق خالص لله، وإن كانت مصلحة المكلف فيها أظهر، فحق المكلف فيها الغالب، وحكمها كحكم ما هو خالص للمكلف)) .
القاعدة التشريعية الأولى تضمنت أن أحكام الإسلام بوجه عام إنما قصد بها تحقيق مصالح الناس، وهذه القاعدة التشريعية الثانية تضمنت أن المصلحة التي قصد بتشريع الحكم تحقيقها قد تكون مصلحة عامة للمجتمع، وقد تكون مصلحة خاصة للفرد، وقد تكون مصلحة لهما معاً.
المراد بما هو حق الله ما هو حق المجتمع وشرع حكمه للمصلحة العامة لا لمصلحة فرد خاص، فلكونه من النظام العام، ولم يقصد به نفع فرد بخصوصه نسب إلى رب الناس جميعهم، وسمي حق الله.
المراد بما هو حق المكلف ما هو حق الفرد، وشرع حكمه لمصلحته خاصة، وقد ثبت بالاستقراء أن أفعال المكلفين التي تعلقت بها الأحكام الشرعية، منها ما هو حق خالص لله، ومنها ما هو حق خالص للمكلف، ومنها ما اجتمع فيه الحقان، حق الله غالب، ومنها ما اجتمع فيه الحقّان، وحق المكلف غالب.
فأما ما هو حق خالص لله فهو منحصر بالاستقراء فيما يأتي:
1- العبادات المحضة كالصلاة والصيام والزكاة والحج، وما بنيت عليه هذه العبادات من الإيمان والإسلام، فأن هذه العبادات وأسسها مقصود بها إقامة الدين وهو ضروري لنظام المجتمع، وحكمة تشريع كل عبادة منها على أنها لمصلحة عامة ى لمصلحة المكلف وحده.
2- العبادات التي فيها معنى المؤونة كصدقة الفطر، فإنها عبادة من جهة أنها تقرب إلى الله بالصدقة للفقراء والمساكين، ولكنها ليست عبادة محضة بل فيها معنى الضريبة على النفس، لبقائها وحفظها، وهذا مرادهم بأن فيها معنى المؤونة، ولهذا لا تجب على الإنسان عن نفسه فقط، بل تجب عليه عن نفسه