العام بالنسبة لبعض أفراده. فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النورك6] ، هو نسخ جزئي للعام في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور:4] ، لأن هذه الآية الثانية بعمومها تشمل كل قاذف سواء قذف زوجته أو غيرها، وقد شرع الحكم ابتداء عاماً، ثم قام الدليل وهو آيات اللعان على قصر الجلد على القاذف الذي يقذف غير زوجته. ودل على هذا حديث ابن مسعود قال: كنا جلوس في المسجد ليلة الجمعة إذ دخل أنصاري فقال يا رسول الله، أرأيتم الرجل يجد من زوجته رجلاً، فإن قتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ؟ ثم قال ((اللهم افتح)) ، فنزلت آية اللعان في سورة النور: {والذين يرمون أزواجهم000} [النور:6] ، الآيات.
ومن هذا ينتج أن التخصيص في اصطلاح الأصوليين لابد أن يكون بدليل مقارن للتشريع العام، لأنه بهذا المقارنة يتبين أن المراد ابتداء من العام بعض أفراده، وأما إذا كان متأخراً عنه فهو نسخ جزئي له.
دليل التخصيص:
ودليل التخصيص قد يكون غير مستقل لفظاً عن نص العام بأن يكون متصلاً به كالجزء منه. وقد يكون مستقلاً عن نص العام، ومنفصلاً عنه.
ومن أظهر الأدلة المتصلة غير المستقلة: الاستثناء، والشرط، والوصف، والغاية.
فالاستثناء كقوله تعالى في آية المداينة، بعد أن أمر بكتابة الدين المؤجل: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا} [البقرة:282]
والشرط كقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء:101] .
والوصف كقوله تعالى: {مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء:23]
والغاية كقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] .