تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] ، فليس تكليفا للسكارى حتى سكرهم بأن لا يقربوا الصلاة، وإنما هو تكليفا للسكارى حين سكرهم بأن لا يقربوا الصلاة، وإنما هو تكليف للمسلمين في حال صحوهم أن لا يشربوا الخمر إذا دنا وقت الصلاة حتى لا يقربوا الصلاة وهم سكارى، فكأنه سبحانه قال: إذا دنا وقت الصلاة فلا تشربوا الخمر، وأما إيقاع طلاق السكران على مذهب الحنفية هو عقاب له على سكره، ولهذا شرطوا أن يكون جانياً بسكره بأن شرب محرما طائعا.
وأما من لا يعرفون اللغة العربية ولا يستطيعون فهم أدلة التكليف الشرعية من القرآن والسنة، كاليابانيين والهنود والجاويين وغيرهم فهؤلاء لا يصح تكليفهم شرعاً إلا إذا تعلموا اللغة العربية واستطاعوا أن يفهموا نصوصا، أو ترجمت أدلة التكليف الشرعية إلى لغتهم، بحيث يستطيعون أن يجدوا كتابا دينيا بلغتهم يبين لهم ما يكلفهم به الإسلام، أو قامت طائفة بتعلم لغات هذه الأمم التي لا تعرف اللغة العربية ونشرت بينهم تعاليم الإسلام وأدلته التكليفية مخاطبة لهم بلغتهم، وهذا الطريق الثالث هو الطريق القويم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم حجة الوداع أشهد الله أنه بلغ رسالته، وأمر المسلمين أن يبلغ منهم الشاهد الغائب؛ والشاهد يشمل كل من اهتدى إلى الإسلام وعرف أحكامه، والغائب يشمل كل من لم يعرف لغة القرآن ولم يستطع فهم آياته.
فأما إذا ترك هذا الغائب على حالة لا يعرف لغة القرآن ولا يستطيع أن يفهم دلائله، ولا ترجمت آياته إلى لغته، ولا قام أحد يعرف لغة القرآن بتعليمه ما يكلف به باللغة التي يفهمها؛ فهو شرعا غير مكلف، لأن الله لا يكلف نفسها إلا وسعها، ولهذا قال الله تعالى في سورة إبراهيم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4]
وثانيهما: أن يكون أهلا لما كلف به.
والأهلية معنا ها في اللغة: الصلاحية، يقال فلان أهل للنظر على الوقف أي صالح له.
وأما في اصطلاح الأصوليين فالأهلية تنقسم إلى قسمين: أهلية وجوب، وأهلية أداء.
فأهلية الوجوب: هي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وأساسها الخاصة التي خلق الله عليها الإنسان واختصه بها من