وبناء المستشفيات، وإنقاذ الغريق، وإطفاء الحريق، والطب، والصناعات التي يحتاج إليها الناس، والقضاء والإفتاء، ورد السلام، وأداء الشهادة.

فهذه الواجبات مطلوب للشارع أن توجد في الأمة أيّاً كان من يفعلها، وليس المطلوب للشارع أن يقوم كل فرد أو فرد معين بفعلها؛ لأن المصلحة تتحقق بوجودها في بعض المكلفين ولا تتوقف على قيام كل مكلف بها.

فالواجبات الكفائية المطالب بها مجموع أفراد الأمة، بحيث إن الأمة بمجموعها عليها أن تعمل على أن يؤدي الواجب الكفائي فيها، فالقادر بنفسه وماله على أداء الواجب الكفائي؛ عليه أن يقوم به، وغير القادر على أدائه بنفسه عليه أن يحث القادر ويحمله على القيام به؛ فإذا أدى الواجب سقط الإثم عنهم جميعا، وإذا أهمل أثموا جميعاً: أثم القادر لإهماله واجباً قدر على أدائه، وأثم غيره لإهماله حيث القادر وحمله على فعل الواجب المقدور له، وهذا مقتضى التضامن في أداء الواجب، فلو رأى جماعة غريقا يستغيث، وفيهم من يحسنون السباحة ويقدرون على إنقاذه، وفيهم من لا يحسنون السباحة ولا يقدرون على إنقاذه، فالواجب على من يحسنون السباحة أن يبذل بعضهم جهده في إنقاذه، وإذا لم يبادر من تلقاء نفسه إلى القيام بالواجب، فعلى الآخرين حثه وحمله على أداء واجبه، فإذا أدى الواجب فلا إثم على أحد، وإذا لم يؤد الواجب أثموا جميعا.

وإذا تعيّن فرد لأداء الواجب الكفائي كان واجبا عينيا عليه، فلو شهد الغريق الذي يستغيث شخص واحد يحسن السباحة، ولو لم يرد الحادثة إلا واحد ودعي للشهادة، ولو لم يوجد في البلد إلا طبيب واحد وتعين للإسعاف؛ فهؤلاء الذين تعينوا لأداء الواجب الكفائي، يكون الواجب بالنسبة إليهم عينا.

التقسيم الثالث: ينقسم الواجب من جهة المقدار المطلوب منه إلى محدد وغير محدد.

فالواجب المحدد: هو ما عين له الشارع مقدارا معلوما، بحيث لا تبرأ ذمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015