علل النحو (صفحة 373)

فِي قَوْلك: مائَة دِرْهَم، وَمِائَة من الدَّرَاهِم، فَحذف لفظ الْجمع و (من) ، فَكَانَ الْقيَاس أَن تمْتَنع الْإِضَافَة، كَمَا امْتنعت الْعشْرُونَ بِتَقْدِير الْوَاحِد فِي معنى الْجمع، إِلَّا أَن الْمِائَة شبهت بِالْعشرَةِ، لِأَنَّهَا عقد مثلهَا، وشبهت أَيْضا بالتسعين، لِأَنَّهَا تَلِيهَا، وَحكم عشر الشَّيْء كتسعه، فَلَمَّا حصل للمائة الشّبَه بِالْعشرَةِ وَالتسْعين، لَزِمت الْإِضَافَة تَشْبِيها بِالْعشرَةِ، وَجعل النَّوْع وَاحِدًا تَشْبِيها بالتسعين، فَصَارَت الْإِضَافَة فِي الْمِائَة لَازِمَة، فَلَمَّا أَرَادوا تَعْرِيف الْمِائَة لم يجز إِدْخَال الْألف وَاللَّام عَلَيْهَا، لِأَن الْألف وَاللَّام لَا يَجْتَمِعَانِ مَعَ الْإِضَافَة اللَّازِمَة، فنقلوا الْألف وَاللَّام من الْمِائَة وألحقوها بِمَا بعْدهَا، وَهُوَ ينوون بهَا تَعْرِيف الْمِائَة، وساغ لَهُم ذَلِك لما بَيناهُ من أَن الْمُضَاف يصير مُعَرفا بالمضاف إِلَيْهِ، وينتقل إِلَيْهِ تَعْرِيفه، فَلهَذَا دخلت الْألف وَاللَّام (78 / ب) فِي مَا بعد الْمِائَة، وَإِنَّمَا لَزِمت المائتان الْإِضَافَة للُزُوم الْمِائَة الْإِضَافَة لما ذَكرْنَاهُ من الشّبَه.

وَاعْلَم أَن الْمِائَة اسْم نَاقص قد حذف مِنْهُ لَام الْفِعْل، وَأَصلهَا: مئية، فحذفت الْيَاء مِنْهُ تَخْفِيفًا، فَصَارَت هَاء التَّأْنِيث عوضا مِنْهَا، وَالدَّلِيل على مَا ذَكرْنَاهُ قَوْلهم: أمأيت الدَّرَاهِم، وَالْجمع بِالْوَاو وَالنُّون. فَتَقول: عِنْدِي مئون، وَيجمع بِالْألف وَالتَّاء، فَظَاهر، لِأَن فِيهَا عَلامَة التَّأْنِيث، وَأما جمعهَا بِالْوَاو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015