علل النحو (صفحة 244)

(32 - بَاب الصّفة)

اعْلَم أَن الأَصْل أَلا تُوصَف المعارف، لنها وضعت فِي أول أحوالها تدل على شخص بِعَيْنِه لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره، وَذَلِكَ أَنهم سموا الشَّخْص زيدا، على تَقْدِير أَنه لَيْسَ فِي الْعَالم قد سمي بزيد سواهُ، ثمَّ التَّسْمِيَة للْآخر على هَذِه النِّيَّة، فَلَمَّا كَانَت الْأَشْخَاص أَكثر من الْأَسْمَاء، اشْترك فِي الِاسْم الْوَاحِد جمَاعَة.

فَإِن قَالَ الْقَائِل: جَاءَنِي زيد، فخاف أَلا يعرف الْمُخَاطب زيدا الَّذِي بِعَيْنِه، لاشتراك جمَاعَة فِيهِ بَينه بالنعت، فَصَارَت (52 / أ) نعوت المعارف دواخل عَلَيْهَا، إِذْ أشبهت النكرَة من هَذَا الْوَجْه.

, أما النكرَة: فَالْأَصْل فِيهَا أَن تنْعَت، لِأَن الْغَرَض من النَّعْت تَخْصِيص المنعوت، فَلَمَّا كَانَت النكرات مَجْهُولَة، احْتَاجَت إِلَى التَّخْصِيص وَإِنَّمَا صَار الِاسْم الْعلم معرفَة، لِأَنَّهَا وضع دلَالَة على شخص وَاحِد بِعَيْنِه من بَين سَائِر أمته، فَلهَذَا صَار معرفَة.

وَأما مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام: فَإِنَّمَا يذكر لمعهود قد عرفه الْمُخَاطب، فيذكره بدخولهما هَذَا الشَّخْص الَّذِي قد عَهده، فَلَمَّا كَانَت تدل على شخص بِعَيْنِه صَار الِاسْم بهَا معرفَة.

وَأما الْمُضمر: فَإِنَّمَا صَار معرفَة، لِأَنَّك لَا تضمر الِاسْم حَتَّى تعرفه، فَصَارَ الْمُضمر يدل على شخص بِعَيْنِه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015