علل النحو (صفحة 243)

على وَجْهَيْن: إِمَّا على طَرِيق الْغَلَط، وَإِمَّا على طَرِيق النسْيَان كَقَوْلِك: جَاءَ زيد بل عَمْرو، وَإِنَّمَا صَار الأول غَلطا أَو نِسْيَانا، لِأَنَّك أثبت للَّذي أتيت بِهِ بعد الأول الْمَجِيء، وأضربت عَنهُ عَن الأول، فَعلم أَنه مرجوع فِيهِ، وَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآن من كَلَام الله تَعَالَى و (بل) مستعملة فِيهِ بعد إِيجَاب، فَهُوَ على تَقْدِير خبر وَاجِب، لِأَن الله عز وَجل لَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط وَالنِّسْيَان، فَلهَذَا قدرناها على مَا ذكرنَا.

وَأما (لَكِن) : فَإِنَّهَا إِذا اسْتعْملت بعد النَّفْي جرت مجْرى (بل) بعد النَّفْي، وَإِذا اسْتعْملت بعد الْإِيجَاب، لم يجز أَن يَقع بعْدهَا إِلَّا جملَة مضادة للجملة الَّتِي قبلهَا، كَقَوْلِك: جَاءَنِي زيد لَكِن عَمْرو لم يَجِيء وَإِنَّمَا لم يجز أَن تَقول: جَاءَنِي زيد لَكِن عَمْرو، وتسكت، لِأَن ذَلِك يُوجب الْغَلَط، لما ذَكرْنَاهُ، فقد استغني فِي ذَلِك ب (بل) ، إِذْ لَا تحْتَاج الْعَرَب أَن تكْثر الْحُرُوف الْمُوجبَة للغلط، فَإِذا كَانَ كَذَلِك، وَجب أَن يكون مَا بعْدهَا مُخَالفا لما قبلهَا، ليكونا خبرين مُخْتَلفين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015