علل النحو (صفحة 176)

إِن زيد قَائِما وعمرا كَلمته، فالاختيار فِي (عَمْرو) الرّفْع، لِأَنَّك لم تبتدئ بِفعل، إِذْ كَانَت (إِن) حرفا، وَهِي وَإِن غيرت اللَّفْظ فَمَا بعْدهَا فِي حكم المبتدإ، فَلهَذَا اختير الرّفْع فِي (عَمْرو) ، وَيجوز النصب، كَمَا جَازَ فِي الِابْتِدَاء بإضمار فعل مثل الْفِعْل الَّذِي قد عمل فِي الضَّمِير، فَإِن قلت: ضربت زيدا وَعَمْرو قَائِم، أَو يقوم، لم يجز فِي (عَمْرو) إِلَّا الرّفْع، لِأَنَّك لم تذكر بعد الْوَاو فعلا يجوز أَن يعْمل فِي (عَمْرو) وَلَيْسَ بمعطوف على الِاسْم الأول فَيدْخل فِي حكمه، وَلكنه عطف جملَة قَائِمَة بِنَفسِهَا على جملَة مثلهَا، فَلهَذَا لم يجز نصب مَا بعد الْوَاو، لِأَنَّك لَو نصبت بَقِي الْفِعْل أَو الِاسْم الَّذِي بعده مُتَعَلقا إِذْ لَا يتَعَلَّق بِمَا قبله من الْكَلَام.

فَإِن قلت: زيد ضَربته وَعَمْرو كَلمته، كنت فِي (عَمْرو) بِالْخِيَارِ، إِن شِئْت نصبته، وَإِن شِئْت رفعته، وَإِنَّمَا اعتدل النصب وَالرَّفْع هَاهُنَا، لِأَنَّك بدأت بِالِاسْمِ فِي أول الْكَلَام وشغلت الْفِعْل بِالضَّمِّ، وَإِن قدرت مَا بعد الْوَاو كَأَنَّهُ مَعْطُوف على الْهَاء، اختير النصب فِي (عَمْرو) ، ليَكُون مَا بعد الْوَاو الْفِعْل، كَمَا أَن الْمُضمر مَحْمُول على الْفِعْل، فَإِن قدرت مَا بعد الْوَاو اسْما مُبْتَدأ بِمَنْزِلَة الْمَعْطُوف عَلَيْهِ رفعت، واختير الرّفْع، فَإِن دخلت ألف الِاسْتِفْهَام على الِاسْم وَقد اشْتغل الْفِعْل، اختير النصب، كَقَوْلِك: أزيدا ضَربته؟ وَإِنَّمَا اختير النصب، لِأَن الِاسْتِفْهَام وَقع على الْفِعْل فَصَارَ حرف الِاسْتِفْهَام يطْلب الْفِعْل، فَيجب أَن يضمر الْفِعْل وَيكون الْموضع الَّذِي يَقْتَضِي الْفِعْل أولى بالإضمار، فَإِذا وَجب إِضْمَار الْفِعْل قبل الِاسْم وَجب النصب، وَالرَّفْع جَائِز على المبتدإ وَالْخَبَر، وَإِنَّمَا جَازَ الرّفْع لِأَن الِاسْتِفْهَام قد يَقع بعده الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، كَقَوْلِك: أَزِيد قَائِم؟ فَكَمَا جَازَ الِابْتِدَاء بعد حرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015