اعْلَم أَنَّك إِذا قلت: زيد ضَربته، فالاختيار الرّفْع فِي (زيد) ، وَالنّصب جَائِز، وَإِنَّمَا اختير الرّفْع لِأَن الرّفْع بِغَيْر إِضْمَار، وَالنّصب بإضمار، فَكَانَ ترك الْإِضْمَار أولى، لِأَنَّهُ أخف مؤونة من النصب، وَلَيْسَ أَيْضا فِي الْكَلَام مَا يَقْتَضِي إِضْمَار فعل، فَهَذَا كَانَ الرّفْع أولى، وَأما إِذا قلت: ضربت زيدا وعمرا كَلمته، فالاختيار نصب عَمْرو (38 / أ) ، وَالرَّفْع جَائِز، وَإِنَّمَا اختير النصب فِي (عَمْرو) لِأَن وَاو الْعَطف حَقّهَا أَن يكون مَا بعْدهَا مشاكلا لما قبلهَا، فَلَمَّا بدأت بِالْفِعْلِ، كَانَ إِضْمَار الْفِعْل بعد الْوَاو أولى، لتَكون قد عطفت فعلا على فعل، فَلهَذَا اختير النصب، وَالرَّفْع جَائِز على أَن يَجْعَل مَا بعد الْوَاو النصب، مَتى كَانَ الْفِعْل الَّذِي بعد الْوَاو ابْتِدَاء وخبرا، فَتَصِير عاطفا جملَة على جملَة.
وَاعْلَم أَنه مَتى كَانَ الْمُبْتَدَأ بِهِ الْفِعْل فلاختيار فِيمَا بعد الْوَاو النصب، مَتى كَانَ الْفِعْل الَّذِي بعد الْوَاو ناصبا لضمير الِاسْم الَّذِي يَلِي الْوَاو عَاملا فِي سَببه، وَسَوَاء كَانَ الْفِعْل الْمُبْتَدَأ بِهِ مِمَّا ينصب أَو يرفع أَو يتَعَدَّى بِحرف جر، كَقَوْلِك فِيمَا يرفع: جَاءَ زيد وعمرا كَلمته، وَكَذَلِكَ لَو قلت: جَاءَنِي زيد وعمرا كلمت أَبَاهُ، لِأَنَّك بدأت فِي جَمِيع هَذِه الْمسَائِل بِالْفِعْلِ، فَإِن قلت: