علل النحو (صفحة 124)

بَين توكيدين بِمَعْنى وَاحِد؟

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْأَسْمَاء الَّتِي بعد (أَجْمَعِينَ) لَا معنى لَهَا فِي نَفسهَا، وَلَا تسْتَعْمل بِحَال مُفْردَة، وَإِنَّمَا أتبع (أَجْمَعِينَ) بهَا لتحسين الْمَعْنى وتوكيده، فَلهَذَا جَازَ الْجمع بَينهمَا، وَتقول: مَا زيد قَائِما وَلَا قَاعِدا أَبوهُ، فلك فِي (قَاعد) الرّفْع وَالنّصب، فالنصب على أَن تعطف (قَاعِدا) على (قَائِم) ، وترفع (الْأَب) بقاعد. فعلى هَذَا الْوَجْه إِذا ثبتَتْ الْمَسْأَلَة قلت: مَا الزيدان قَائِمين وَلَا قَاعِدا أبواهما، أفردت الْفِعْل، لِأَنَّهُ فعل الْأَبَوَيْنِ، وَمن شَرط الْفِعْل إِذا ظهر فَاعله بعده أَلا يثنى وَلَا يجمع، وَإِن كَانَ اسْما أجروه مجْرى الْفِعْل فِي هَذَا الْموضع، فَلهَذَا أفردته. وَأما (قَائِم) فَإِنَّمَا تثنيته فِي الْمَسْأَلَة لِأَن فِيهِ فَاعِلا مضمرا يرجع إِلَى زيد.

وَأما الرّفْع فِي (قَاعد) فعلى أَن تجْعَل (الْأَب) مُبْتَدأ، و (قَاعِدا) خَبره، فَإِذا قدرته هَذَا التَّقْدِير صَار ابْتِدَاء وخبرا، لِأَنَّك إِذا أفردت مَا بعد حرف الْعَطف - فَالْخَبَر مقدم - قبح الرّفْع، وَإِن لم تقدر مَا بعد حرف الْعَطف، فالرفع وَاجِب، لِأَنَّهُ ابْتِدَاء وَخبر، وعَلى هَذَا الْوَجْه ثني (قَاعِدا) ، فَتَقول: مَا الزيدان قائمان

وَلَا قاعدان أبواهما، لِأَن النِّيَّة فِي (قَاعِدين) التَّأْخِير، ففيهما ضمير فَاعل، وَفِي النِّيَّة، فَلهَذَا وَجب.

وَتقول: (مَا كل إِبْرَاهِيم أَبُو إِسْحَاق) ، تنون (إِبْرَاهِيم) وَلَا تنون (إِسْحَاق) وَإِن كَانَا معرفتين أعجميين، والفصل بَينهمَا أَن كل اسْم مُفْرد فَلَا بُد من أَن يكون نكرَة يدل على جنسه، أَعنِي الْمُسَمّى باسمه إِذا نحي بِهِ هَذَا النَّحْو، و (كل) إحاطة، فَإِذا وَقعت على علم نكرته، ودلت بِالْوَاحِدِ الَّذِي تقع عَلَيْهِ على جنسه، فَلَمَّا جَاءَ (إِبْرَاهِيم) بعد (كل) صَار نكرَة، أَي أحد أمة، كل وَاحِد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015