كثيرًا، وربَّما نبَّه على وجهِ الصوابِ؛ لكنَّه ربَّما وَهِمَ وغَلِطَ في أشياءَ من ذلك، وتحكَّم فيها بما ظَهَرَ له، أو بِمَا رآه في حديثٍ آخَرَ، وربَّما كان الذي أصلحَهُ صوابًا، وربَّما غَلِطَ فيه وأصلَحَ الصوابَ بالخطأ!!
وقد وقَفْنَا له مِنْ ذلك في الصحيحَيْنِ والسِّيَرِ وغيرها على أشياءَ كثيرةٍ، وكذلك لِغَيْرِهِ مِمَّنْ سلك هذا المَسْلَكَ.
وحمايةُ بابِ الإصلاحِ والتغييرِ أولى؛ لئلا يَجْسُرَ على ذلك مَنْ لا يُحْسِنُ، وَيَتَسَلَّطَ عليه مَنْ لا يَعْلَمُ، وطَرِيقُ الأشياخِ أَسْلَمُ مع التَّبْيِينِ؛ فيَذْكُرُ اللفظَ عند السَّمَاعِ كما وقَعَ، وينبِّهُ عليه، ويذكُرُ وجهَ صوابِهِ: إمَّا مِنْ جهةِ العربية، أو النقلِ، أو ورودِهِ كذلك في حديثٍ آخَرَ،، أو يقرؤُهُ على الصوابِ، ثم يقولُ: وقَعَ عند شَيْخنا أو في روايتِنَا كذا، أو مِنْ طريقِ فلانٍ كذا، وهو أَوْلَى؛ لئلا يقولَ على النبيِّ (ص) ما لم يَقُلْ.
وأحسنُ ما يُعْتَمَدُ عليه في الإصلاحِ: أنْ تَرِدَ تلك اللفظةُ المغيَّرةُ صوابًا فى أحاديثَ أُخْرَى، فإنْ ذَكَرَهَا على الصَّوَابِ في الحديثِ أَمِنَ أنْ يقولَ عن النبيِّ (ص) ما لم يَقُلْ، بخلافِ إذا كان إنما أَصْلَحَهَا بِحُكْمِ عِلْمِهِ ومقتضى كلامِ العَرَبِ.
وهذه طريقةُ أبي عَلِيِّ بنِ السَّكَنِ البغداديِّ فى انتقائِهِ روايتَهُ لصحيحِ البُخَاريِّ؛ فإنَّ أكثرَ متونِ أحاديثِهِ ومُحْتَمِلَ روايتِهِ هى عنده