قال صاحب تحفة الأحوذي: "أنت على مكانك وأنت على خير" يحتمل أن يكون معناه أنت خير وعلى مكانك من كونك من أهل بيتي ولا حاجة لك في الدخول تحت الكساء كأنه منعها عن ذلك لمكان علي وأن يكون المعنى أنت على خير وإن لم تكوني من أهل بيتي كذا في اللمعات قلت: الاحتمال الأول هو الراجح بل هو المتعين1.
4- أكرمها الله بالصواب والسداد فيما تشير به ومن ذلك ما أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حينما أمر أصحابه أن يحلقوا رؤوسهم وينحروا هديهم فتثاقلوا ذلك طمعاً منهم في أن يدخلوا مكة ويطوفوا بالبيت رضي الله عنهم وأرضاهم. فقد روى البخاري بإسناده من حديث طويل عن المسور ومروان وفيه: "فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا" قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاثة مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت له أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ أخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحد منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً"2.
فهذه الأحاديث المتقدمة التي ذكر فيها فضل أم سلمة أم المؤمنين كلها دلت دلالة واضحة على أنها كانت جليلة القدر عظيمة المكانة رضي الله عنها وأرضاها. "وهي آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتاً" وقيل: "بل ميمونة"3.