المنجمون من الأخبار وتارة أمراً بما يأمر به السحرة المشركون من عبادتها، فقد جعل كلام الله ورسوله متناقضاً حيث أثبت ذلك ونفاه، ثم إنه في جانب الإثبات يغلو حتى يأمر بما هو محرم بل كفر بإجماع المسلمين، وفي جانب النفي يغلو حتى يمنع كونها أسباباً كسائر الأسباب، وهذا من أعظم التناقض فيما جاء به الرسول ومن جهة المعقول.
وأما التأويل الرابع فقوله: المقصود منه بيان أن هذه الصورة الإنسانية إنما حصلت بتخليق الله لا بتأثير القوة المصورة.
يقال له: إن كان اللفظ دالاً على ذلك فإنما يدل عليه قوله: خلق الله آدم كما ذكر ذلك في القرآن في غير موضع، إذ قوله: «على صورته» لا يتعرض لذلك وإن لم يكن دالاً عليه فهو باطل، وعلى التقديرين فدعوى قوله: «على صورته» بغير القوى الطبيعية دعوى باطلة.
ويقال له ثانياً: إخبار الله تعالى بأنه خلق آدم وهو الخالق أظهر وأشهر في القرآن وعند العامة والخاصة من أن يكون المستفاد منه يحتاج إلى قوله: «على صورته».
ويقال له ثالثاً: أي شيء في قوله: «على صورته» ما يمنع هذه القوى.
ويقال له رابعاَ: ومن الذي يمنع وجود هذه القوى والطبائع وأن الله هو خلقها وخلق بها كما أخبر في غير موضع من كتابه أنه يحدث الأشياء بعضها ببعض كما في قوله تعالى: {فَأَنزلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 57]، ومن أعظم الضلال جحود ما يوجد في المخلوقات وما أخبر الله به في كتابه وجعل ذلك تأويل الأحاديث مع دعوى المدعي أنه يرد بذلك على الدهرية والفلاسفة والأطباء والمشبهة وهو قد أضحك