الأمرين وإلا فهو لا ينفي لا هذا ولا هذا، وهذا التخطيط إنما وقع لكون الصورة التي خلق عليها جعلوها متأخرة عن الخلق وهو خلاف مدلول اللفظ.
وأما التأويل الثالث وقوله: إن الإنسان لا يتكون إلا في مدة طويلة وزمان مديد وبواسطة الأفلاك والعناصر، فقوله خلق آدم على صورة آدم أي من غير هذه الوسائط، والمقصود منه الرد على الفلاسفة.
فيقال هذا أظهر بطلاناً من الأول فإن آدم عليه السلام لم يتكون إلا في مدة أطول من مدد بنيه ومن مادة أعظم من مواد بنيه فإن الله خلقه من التراب والماء وجعله صلصالاً، وهذه هي العناصر، وأيضاً فإنه بقي أربعين عاماً قبل نفخ الروح فيه، وولده إنما يبقون أربعة أشهر، قال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} [الإنسان: 1].
وأيضاً فاللفظ لا يدل على نفي ذلك بوجه من الوجوه لا حقيقة ولا مجازاً، بل هذه الدلالة من جنس ما تدعيه غالية الرافضة ونحوهم من جهال الزنادقة أن قوله: {إمام مبين} هو علي بن أبي طالب، بل ربما هذا أقوى فإن لفظ الإمام فيه اشتراك وإلا فكون الشيء خلق على صورة نفسه المتقدمة والمتأخرة أي شيء فيه مما ينفي كونه في مدة وخلق من مادة.
ثم إن هذا المؤسس (?) مع كونه يحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على رفع تأثير الأفلاك والعناصر رداً على الفلاسفة يقرر في كتب له أخرى دلالة القرآن على تأثير الأفلاك والكواكب تارة عملاً بما يأمر به