في حديث ابن عمر رضي الله عنهما إنما هو من إضافة الخلق والتصوير إلى الله تعالى فقد صرف الحديث عن ظاهره وأفسد معناه، وعلى هذا التأويل المستكره لا يكون لآدم مزية على غيره من المخلوقات ولا يكون بينه وبينها فرق مؤثر لأن الله تعالى هو الذي خلق المخلوقات كلها وصورها ولكنه قد خص آدم من بينها بخصائص عظيمة امتاز بها على سائر المخلوقات. منها أنه خلقه بيديه، ومنها أنه خلقه على صورته، ومنها أنه نفخ فيه من روحه، ومنها أنه علمه الأسماء كلها، ومنها أنه أمر الملائكة بالسجود له، فمن أنكر شيئاً من هذه الخصائص فقد بخس آدم حقه وجحد الفضيلة العظيمة التي خصه الله بها وفضله بها على سائر المخلوقات، وهذا من أعظم العقوق لآدم.
الوجه السادس: أن يقال لا يشك أحد من العقلاء أن بني آدم قد خلقوا على صورة أبيهم آدم ولم يخلقوا على صورة غيره من المخلوقات، ولو كان المراد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الإخبار بأن ابن آدم خلق على الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح لما كان في الحديث فائدة ولا كان فيه فضيلة خاصة لآدم وذريته وإنما يكون ذلك من تحصيل الحاصل.
الوجه السابع: أن يقال إن ابن خزيمة قد قرر في آخر كلامه قول من أعاد الضمير في حديث الصورة على آدم وذلك واضح في قوله فصورة آدم هي ستون ذراعاً التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم خلق عليها، وقد تقدم قول الإمام أحمد أن هذا قول الجهمية.