ومن هذا الوجه البيت الواقع في السِّير، وقصيدة عديّ بن زيد العبّاديi وهو قوله:
وبُدِّلَ الفَيْجُ بالزُّرافةِ والـ
أيامُ جُوْنٌ جَمٌّ عَجائِبُهاii
وذلك أن الفيج في البيت هو المنفرد في مشيه، والزّرافة الجماعة، يعني بها الكتائب التي ذكر في القصيدة قبل هذا في قوله:
ساقتْ إليها الأسبابُ جُنْدَ بني الـ
أحرار فُرسانُها مواكبُها
حتى رآها الأقوالُ من طَرَفِ الـ
مَنْقَلِ مُخْضرَّةً كتائِبُهاiii
ويريد بالفيج سيف بن ذي يزن الحميرىiv، لأنه خرج بنفسه حتى قدم على قيصر فشكا إليه حال أهل اليمن، فلم يشكه، فأتى النعمان فذهب معه فأدخله على كسرى فشكا إليه، فأصحبه جيشا، كما ذكر صاحب السيَّر. فبدَّل الواحد بالجماعة.
وإنْ أراد بالفيج معنى الرسول، كما قال بعض اللغويين، فإن سيفاً كان رسول أهل اليمن.
ثم قد يأتي محل الباء مجرداً منصوباً وهو كثير، كقوله تعالى: {يَوْمَ تُبدَّلُ الأرْضُ غَير الأرْض} v وكقوله: {بَدَّلُوا نِعْمَةَ الله كُفْرا} vi وقوله: {فأولئك يُبدِّلُ الله سَيّئاتِهم حَسنَات} vii.
قال الغزنويviii في الآية الأولى: "غير" مفعول ثانٍ، أو يقدر بغير الأرض.