وهم هم كقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) [آل عمران: 104]. فسره صاحب الكشاف بالوجهين.

فإن قلت: كيف يجعل (من) التبعيضية اسمًا؟

قلت: هو مجاز عن متعلق معناه.

قال صاحب "الكشاف" في قوله تعالى: (حاش لله) [يوسف: 31]، حاش: حرف من حروف الجر، وضعت موضع التنزيه والبراءة، والدليل عليه قراءة: (حاشا لله) بالتنوين، وإنما ترك على بنائه ولم يعرب مراعاة للأصل الذي هو الحرفية، ألا ترى إلى قولهم: جلست عن يمينه، كيف تركوه غير معرب على أصله؟

فإن قلت: كيف عطف (ولا نصراني) على (يهودي) وهو منتف، والكلام الفصيح في العطف بلا: أن يكرر لفظة (لا) كقوله تعالى: (فلا صدق ولا صلى) [القيامة: 31].

قلت (يهودي) في حيز النفي لكونه فاعلاً للفعل المنفي، كقوله تعالى: (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم) [الأحقاف: 9].

والأمة هنا أمة الدعوة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (ولم يؤمن بي)، واللام للاستغراق أو للجنس أو للعهد، والمراد بها أهل الكتاب.

ويعضد الأخير وصف الأحد باليهودي والنصراني، لأن لفظ (ثم) موضوع حينئذ للتراخي، دال على أن الإيمان بما أرسل به نبينا صلى الله عليه وسلم مهما صدر من الكافر وحصل منه فإنه ينفعه، ويمحي منه ما سلف في كفره، وإن تراخى ذلك الإيمان عن أول سماعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015