الثاني: أنه حال، فيكون العامل أيضًا مضمرًا تقديره: نعبده وحده، كما يقال: لا إله إلا الله مخلصين.
وللشيخ تقي الدين السبكي تأليف يسمى (الوحدَة في معنى (وحْدَهُ))، قال فيه: مذهب جمهور النحويين منهم سيبويه والخليل: أنه اسم موضوع الحال، كأنه قال: إيحادًا، وإيحادًا موضع موحَّدًا، واختلف هؤلاء إذا قلت: رأيت زيدًا وحده، فالأكثرون يقدرونه في حال إيحادي له بالرؤية، ويعبرون عن هذا بأنه حال من الفاعل.
والمبرد يقدّره: حالاً من المفعول (لا) الفاعل.
وقال: إنه حال من المفعول ليس إلاّ، لأنهم إذا أرادوا الفاعل قالوا: مررت به وحدي.
ومنهم من يقول: (وحدَه) مصدر موضوع موضع الحال وهؤلاء يخالفون الأولين في كونه اسم مصدر.
فمن هؤلاء من يقول: إنه مصدر على حذف حروف الزيادة، أي: إيحاده، ومنهم من يقول: إنه مصدر لم يوضع له فعل.
وذهب يونس وابن هشام: إلى أنه منتصب انتصاب الظروف، فجرى مجرى (عنده)، فجاء زيد وحده، تقديره: جاء زيد على وحده، ثم حذف الحرف، ونصب على الظرف. فقولنا: (لا إله إلا الله وحده)، معناه أنا أفردناه بالوحدانية، وإذا قلت: حمدت الله وحده، أو ذكرت ربك وحده، فمعناه وتقديره عند سيبويه: موحِّدًا إياه بالحمد والذكر على أنه حال من الفاعل، والحاء في (موحّدًا) مكسورة، وعلى رأي ابن طلحة (موحِّدًا) هو، والحاء مفتوحة. وعلى رأي هشام معناه: حمدت الله وذكرته على انفراده. فهذه التقادير الصناعية الثلاثة، والمعنى لا يختلف إلاّ اختلافًا يسيرًا.