المصوغ من فعل المفعول كقولهم: (أشغل من ذات النِّحْيَيْن) و (أزهى من ديك)، وأعنى بحاجتك، و (أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون)، فكلها مأخوذة من فعل المفعول فالمعنى عليه، فمعنى (أخوف ما أخاف على أمتي الأشياء التي أخافها على أمتي أحقها بأن يُخاف الأئمة المضلون، فتوجيه الحديث بجعله من هذا القبيل، بأن يكون تقديره: غير الدجال أخوف مخافتي عليكم، ثم حذف المضاف إلى الياء، فاتصل بها (أخوف) معمودة بالنون على ما تقرر.
ويحتمل أن يكون (أخوف) من أخاف بمعنى خوَّف، ولا يمنع من ذلك كونه غير ثلاثي، فإنه على أفعل، ولا فرق عند سيبويه بين الثلاثي والذي على وزن أفعل في التعجب والتفضيل، صرح بذلك في مواضع من كتابه. فيكون (أخوف) المذكور من (أخاف). والمعنى: غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم، ثم اتصل بالياء معمودة بالنون على ما تقرر.
ويحتمل أن يكون من باب وصف المعاني بما يوصف به الأعيان على سبيل المبالغة، كقولهم في الشعر الموصوف بالجزالة، وكمال الفصاحة: شعر شاعر، ثم يفضل شعر على شعر بذلك المعنى،، فيقال: هذا الشعر أشعر من هذا. وكذلك يقال: موت مائت، وعجب عاجب، وخوف خائف، وسعي رابح، وتجارة رابحة، وعمل خاسر. ثم يقال: خوف فلان أخوف من خوفك، وهذا العجب أعجب من ذلك.
ومنه قول الشاعر:
يداك يدٌ خيرُها يرتجى ... وأخرى لأعدائها غائظهْ