قال أبو البقاء: (خير) أصلها أفعل، وهي تضاف إلى ما هي بعض له، وتقديره: خير أيام، فالواحد هنا في معنى الجمع، وقوله: (سبع عشرة) وما بعده جعله مؤنثًا، والظاهر يعطى أن يكون مذكّرًا، لأنه خبر عن (يوم) والوجه في تأنيثه أنه حمله على الليل لأن التاريخ به يقع، واليوم تبع له، ولهذا قال: (إحدى) على معنى الليلة.
وفيه وجه ثان، وهو أنه يريد باليوم الوقت ليلاً أو نهارًا، كما يقال: يوم بدر، ويوم الجمل، ويوم الفجار، ثمّ أنّث على أصل التاريخ، ومن ذلك قوله تعالى: (ومن يُوَلِّهم يومئذ دبره) [الأنفال: 16]، ومنه قول الشاعر:
يا حبّذا العَرَصاتُ يو ... مأ في ليالٍ مُقْمِراتِ
واليوم لا يكون في الليالي إلا إذا أردت به الوقت. وفيه وجه ثالث: وهو أنه يكون أراد به يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة فحذف المضاف، ومثله حديث (مَنْ صام رمضانَ وأتبعهُ بستّ من شوال) أي: بأيام ليال، وأما قوله: (وإحدى وعشرين) ففي هذه الرواية (عشرين) بالنصب، والجيّد أن يكون مرفوعًا.
قال الكرماني: أحب: بمعنى المحبوب لا بمعنى المحب، فإن قلت: لا مطابقة بين المبتدأ والخبر لأن المبتدأ مذكر والخبر مؤنث، قلت: الملّة الحنيفية كأنها غلبت عليها الاسمية حتى صارت علمًا، أو أن أفْعَلَ التفضيل المضاف لقصد الزيادة على من أضيف إليه يجوز فيه الإفراد والمطابقة.