قوله: (طُوِّقَهُ من سبع أرَضين): سئل أبو القاسم الزجاجي: ما العلة في تحريك (أرضين) ولم يحركوا (خمسين) في العدد؟ فأجاب: العلة في ذلك أن الأرض مؤنثة بلا خلاف، ويقال في تصغيرها: أُرَيْضة، وما كان على ثلاثة أحرف من الأسماء المؤنثة ساكن الوسط مفتوح الأول نحو: صفحة وجفنة وضربة، فإذا جمع السلامة فتح الأوسط منه فقيل: صفحات وجفنات وضربات وأرضات، ثم لما قالوا: أرَضون. فجمعوها بالواو والنون تشبيهًا لها بمائة، وثبة، وعزة وبابها، لأنها مؤنثة، تلا أنها مؤنثة وإن لم تكن مثلها في النقصان، لأنهم قد يشبهون الشيء بالشيء وإن لم يكن مثله في جميع أحواله، حركوا وسطها بالفتح كما يحركونه مع الألف والتاء، لأنه هو الأصل، فقالوا: أرَضون، ففتحوا كما قالت: أرَضات، ففتحوا، لأن ذلك هو الأصل، وهذا داخل عليه.
فأمّا (خمسون) فليس مثل (أرضين) في شيء، لأنه اسم مبني للجمع من لفظ خمسة، ولا واحد له من لفظه ينطق به، وإنما هو بمنزلة ثلاثين من ثلاثة، وأربعين من أربعة، ولم يجمع خمسة في العدد خمسات، ثم يدخل الواو والنون عليها، كما قيل في أرض أرضات، ثم أدخل الواو والنون عليها، فدلت على حركتها.
قال سيبويه: قلت للخليل: لم قالوا: الأهْلون، فأسكنوا الهاء ولم يحركوها كما حركوا أرضين؟ فقال: لأن الأهل مذكر، فأدخلوا الواو والنون فيه على ما يستحقه، ولم يحتج إلى تحريكه إذ ليس بمؤنث يجمع في بعض الأحوال بالألف والتاء، فيحرك لذلك.
قال سيبويه: فقلت له: فلم قالوا: أهَلات، فحركوا حين جمعوا بالألف والتاء، قال المخَبَّلُ السعدي:
وهم أهَلاتٌ حول قيس بن عاصم ... إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا